ومما لا شك فيه أن موقف غير ابن الزبير لو استفحل الأمر سيكون مثل موقفه، ومعاوية أدهى من أن يؤلب عليه من لم ينفض يده بعد من تألفهم، ومن لا تزال السيوف التي حاربوه بها على عواتقهم، لمّا ينقض على إغمادها كبير زمن وما هي بحاجة لتشهر إلى كبير أمر ...
وقد عرّض ابن الزبير بحلف الفضول مرة أخرى يهدد معاوية، فقد تحدثا عن الحسين بن علي, فقال ابن الزبير:"أما والله إني وإياه ليد عليك بحلف الفضول" فقال معاوية: "من أنت؟! لا أعرض لك وحلف الفضول ... والله ما كنت فيها إلا كالرهينة تثخن معنا, وتردى هزيلا"١.
وانظر هذه الحسرة الخفية من يعسوب الأمويين عبد الملك بن مروان، على أن أمية لم تدخل الحلف، وتأمل كيف أراد بصورة غير مباشرة أحد سراة بني نوفل، على أن يتملقه فيشهد له بدخول أمية ونوفل فيها، وكيف لم يستطع هذا إلا أن يجهر له بالحق لقرب العهد بأصحاب الفضول، ولأن الذين يعرفونها ويعرفون عاقديها لم يموتوا بعد. قال ابن هشام: