للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القبائل, وقد استفاد العرب من هذه الحماية فوائد مادية جلّى.

تلك الأسواق في الجزيرة, وما إليها كانت تلبية لضرورات محلية اقتضتها معيشة العرب وطبيعة توزعهم في أرضيهم، وليست شيئا مجلوبا حاكوا به غيرهم كما يتكلف بعض المتعرضين لهذا البحث١.

حملت هذه الحركة التجارية كثيرا من ألوان الترف إلى العرب وكان لا عهد لهم بمثلها، فتغالى أشرافهم بالثياب والبرود والسلاح والطيب, بل إن الرواة ليذكرون أن خمرا حملت من بصرى وغزة من بلاد الشام إلى سوق مجنة قرب مكة. ويظهر أن العرب اعتادت استجادة الخمر والافتنان بشربها واستطابتها من معادنها المشهورة كالبلدتين المذكورتين وأذرعات وأندرين وغيرها، شاع ذلك في الرجال والنساء. وسيمر بك عند الكلام على عكاظ أن امرأة أرسلها زوجها إلى عكاظ بسمن ومعها راحلتان, فشربت الخمر بثمن السمن فاستطابتها ثم باعت راحلتيها, فشربت بثمنهما, ثم رهنت ابن الرجل وشربت أيضا٢.


١ قال أحدهم: "ومن غريب ما ورثه العرب عن الحمورابيين, ونقلوه إلى شبه جزيرتهم أيضا إقامة الأسواق والمجتمعات للعلم والتجارة والمنافرة, فكانت أشبه بالمجامع العلمية والمعارض العمرانية" مجلة المجمع العلمي العربي ١/ ١٠٠. قلت: والظاهر العكس؛ فإن الحمورابيين عرب نزحوا إلى العراق من شبه الجزيرة, فحملوا معهم كثيرا من طرق معايشهم السابقة ومن نظمهم وأعرافهم.
٢ وأبعد من هذا الخبر في الغرابة والطرافة, ما رواه القالي في أماليه "١/ ١٥٠" =

<<  <   >  >>