للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والكلبي حينا يستأثر بالحكم فيها والاضطلاع بشئونها. أما الغريب حقا فهو ما ذكره المرزوقي من حل لهذا الخلاف والتطاحن بين الملكين, وهو إن صح -وليس ببعيد- يطلعنا على صورة طريفة من عقلية القوم وعاداتهم, قال:

"وكان ملكها "يعني: سوق دومة الجندل" بين أكيدر العبادي من السكون، وبين قنافة الكلبي. وكان غلبة الملكين بأن يتحاجيا!! فأيهما غلب صاحبه بما يلقي عليه تركه والسوق يفعل بها ما يشاء, ولم يبع فيها أحد من الشام ولا أهل العراق إلا بإذنه، ولم يشتر فيها ولم يبع حتى يبيع الملك كل شيء يريد بيعه, مع ما كان إليه من مسكها"١.

فأنت ترى أن الأمر ذو خطر, وفوائد كثيرة يستحق هذا التطاحن عليه.

يدور نشاط هذه السوق حتى منتصف ربيع الأول, وتغصّ بمن يؤمها من أطراف الشام ومن العراق وسائر الجزيرة. وهي من الأسواق الكبرى للعرب, حتى إنهم ليلقون في سيرهم إليها نصبا كبيرا لوعورة الطريق والتعرض للأخطار وفقدان الأمن، ولا يحملهم على ذلك كله


١ نقل المرزوقي هذا عن كتاب المحبر لمحمد بن حبيب ص٢٦٣, ٢٦٤ ولم يعز إليه.

<<  <   >  >>