للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصارت ديار القرامطة فيما بعد, وقد احتفّ بها قبائل كثيرة من مضر.

وهي أكثر بلاد العرب تمورا وأطيبها، وأروج تجاراتها التمر، به عرفت وبها اشتهر حتى ضرب به المثل فقالوا: "كمبضع تمر إلى هجر" كما قالوا: "كجالب الدر إلى البحر" قال أبو عبيد: "هذا من الأمثال المبتذلة، ومن قديها؛ وذلك أن هجر معدن التمر والمستبضع إليه مخطئ". ونخلها كثير ملتف غاية في الجودة والطيب. قال الشاعر يذكر إبلا خرجت للميرة إلى هجر, فرجعت بغير كف ولا طعام:

حبسن بين رملة وقف ... وبين نخل هجر الملتف

ثمت أصدرن بغير كف١

وقد استفاض على ألسنة الناس ذكر تمرها والثناء على جودته وطيبه، وملئت كتب الأدب بالإشارة إليه, فهذا رسول جميل إلى بثينة يبلغها ما أرسل به, فتتحفه بتمر من تمر هجر٢.

وذاك أعرابي حضر وليمة لعبد الملك بن مروان, عجز الفصحاء عن وصف ما حوت من الأطايب والألوان, فقيل له: "هل رأيت


١ ياقوت، والقف: ما ارتفع من الأرض وحجارة غاص بعضها ببعض, لا تخالطها سهولة, وهو جبل إلا أنه غير طويل. والكف: بقلة الحمقاء والنعمة.
٢ الأغاني ٢/ ١٣٨.

<<  <   >  >>