كل قوي، فكيف إذا كانت خصبة فيها الغنى كعمان، وقد جاء في الحديث:"من تعذر عليه الرزق فعليه بعمان". فتجاراتهم كثيرة ومعايشهم وافرة، وفيها ذخائر متنوعة ومعادن جيدة وخصب ورخاء, فجمعوا بذلك أسباب الثروة والغنى فلم يكن من الغريب طمع فارس فيهم.
وقد استتبع مركز عمان هذا كثرة الأعاجم فيها واختلاط أهلها بهم، حتى أدخل ذلك الضيم على لغتهم فلم يعرفوا في العرب بالفصاحة. ولما رأى أبو عمرو بن العلاء أعرابيا من عمان فصيحا لم يكتم استغرابه من حسن وصفه لبلده وفصاحة منطقه، حتى عرف أن الأعرابي بعيد عن مراكز الاختلاط تلك، ذكر القالي "٣/ ١٦" عنه أنه قال:
لقيت أعرابيا بمكة، فقلت له:"ممن أنت؟ " قال: "أسدي" قلت: "ومن أيهم؟ " قال: "نهدي" قلت: "من أي البلاد؟ " قال: "من عمان" قلت: "فأنى لك هذه الفصاحة؟ " قال: "إنا سكنا قطرا لا نسمع فيه ناجخة التيار" قلت: "صف لي أرضك" قال: "سيف أفيح، وفضاء صحصح، وجبل صروح، ورمل أصبح" قلت: "فما مالك؟ " قال: "النخل" قلت: "فأين أنت عن الإبل؟ "