للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يدعوهم أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه، فلا يجد أحدا ينصره أو يجيبه، حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة فيردّون عليه أقبح الرد, ويؤذونه ويقولون له: "قومك أعلم بك"١.

كان قاصد هذه الأسواق أيام الحج، موزع السمع بين داعٍ إلى ثأر وناشد ضالة، ومنشد قصيدة، وخطيب، وعارض بضاعة، وحامل مال لفك أسير، وقاصد شريف لإجازة أو حمالة، وداعٍ إلى عصبية، وآمر بمنكر ... فيجد شيئا معروفا قد ألفه منذ عقل وأبصر الدنيا. لكنه بعد عام الفيل بثلاث وأربعين سنة يجد أمرا لم يألفه قط، ولا سمع بمثله: رجلا كهلا وضيئا عليه سمات الوقار والخير، يسأل عن منازل القبائل قبيلة قبيلة؛ هذه بنو عامر بن صعصعة، وهذه محارب، وتلك فزارة، والرابعة غسان، وهناك مرة وحنيفة، وسليم وعبس، وهنا بنو نصر, وكندة، وكعب، وعذرة، وهؤلاء الحارث بن كعب وأولئك الحضارمة ... إلخ.

يؤم منازل كل قبيلة، ويقصد إلى شريفها يدعوه بالرفق إلى الله،


١ شرح المواهب ١/ ٣٠٩. وانظر تهذيب تاريخ ابن عساكر ٤/ ٤١٥.

<<  <   >  >>