للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحيرة مدينة واسعة الشهرة منذ القديم. ذكروا أن بانيها بختنصر، وأنه بناها لتجار العرب الذين وجدوا بحضرته ثم صارت من بعده عاصمة ملوك العراق, حتى إن الطبري ليذكر أن لها قبل الإسلام أكثر من خمسة قرون١. وموضعها إلى شمال الكوفة على ثلاثة أميال منها. طيبة الهواء كثيرة البساتين. ردد ذكرها الشعراء منذ الجاهلية وفتنوا بها وبخمرها وحاناتها وأديارها, فكانت بحق مقصف العرب عامة. ونسبوا إليها فقالوا: "حاري" على غير القياس، وقالوا: "حيري" على القياس؛ فمن الأول قول عمرو بن معديكرب:

كأن الإثمد الحاريّ منها ... يسف بحيث تبتدر الدموع٢

ومن الثاني قول بعضهم:

فلما دخلناه أضفنا ظهورنا ... إلى كل حاريّ قشيب مشطب٣

ولها تاريخ طويل يدل على قدمها وشهرتها قبل الإسلام, وأنها كانت ميدانا لحوادث جسام ليس هذا مقام سردها, فليرجع إليها في مظانّها.


١ تاريخ الطبري ١/ ٧٤٨ طبع أوروبا.
٢ الإثمد: حجر للكحل. وأسفّ الجرح دواء: أدخله فيه.
٣ الحاريّ: السيف، والمعنى: أنهم احتبوا بالسيوف. لسان العرب، مادة "حير".

<<  <   >  >>