وذكر ياقوت في سبب بنائها أن:"بختنصر قد جمع من كان في بلاده من العرب بها فسمتها النبط أنبار العرب ... فصار في الحيرة من جميع القبائل من مذحج وحمير وطيء وكلب وتميم وتنوخ ... فأهل الحيرة ثلاثة أصناف: فثلث: تنوخ وهم كانوا أصحاب المظال وبيوت الشعر, ينزلون غربي الفرات بين الحيرة والأنبار فما فوقها. والثلث الثاني: العِباد وهم الذين سكنوا الحيرة وابتنوا فيها، وهم قبائل شتى تعبّدوا لملوكها وأقاموا هناك. وثلث: الأحلاف وهم الذين لحقوا بأهل الحيرة ونزلوا فيها". وأشار إلى بعض هؤلاء الشاعر:
وغزا تبع في حمير حتى ... نزل الحيرة من أهل عدن
واشتهر في ظاهر الحيرة بناءان عظيمان هما: قصر الخورنق وقصر السدير. وبقيت مسكن ملوك العرب من بني نصر ولخم حتى كان آخرهم المناذرة الذين انقضى ملكهم بالإسلام.
ارتباط هذه البلدة بفارس وخضوع أمرائها لهم وكثرة العلائق بين البلدين، وسّع أفقها التجاري, وأكثر فيها الغنى والترف, وأحدث فيها نوعا من الثقافة ليس في غيرها. فقد مر بك أن قريشا تعلمت الكتابة من أهل الحيرة, وأن الذي قرأ صحيفة المتلمس غلام حيري، وأن النضر بن الحارث شيطان قريش تعلم من الحيرة أخبار ملوك