للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا بغريب؛ فإن اختلاطها الواسع بفارس جعل أهلها يحذقون صناعات كثيرة مما أفادوه من الإيرانيين "والمعروف أن سجاجيد ذات زخارف حيوانية كانت تصنع في الحيرة قبيل الإسلام"١.

يعرض في هذه السوق الأدم والعطر والبرود والجواهر والخيل والأموال, وسائر ما يعرض في بقية أسواق العرب مما يحمل من الشام أو اليمن أو عمان أو الحجاز أو البحرين أو الهند وفارس,

عدا ما يحمل الأعراب إليها من إبل وشياه وقرود أحيانا٢.

وفيها أيضا إلى هذا، أدب وشعر وخطابة ومنافرات ومماجدة كما يكون في غيرها من الأسواق، وسنعرض لبعض ما يجري فيها بعد قليل.

فلما كان الإسلام تضاءل شأنها التجاري، وانصرف الناس إلى الفتوحات فلم يمض القرن الأول للهجرة حتى صارت الحيرة ذات لون أخّاذ يفتن الشبان وأهل اللهو والمجون. فطار لها صيت بعيد ساحر في منازهها وخمرها وحاناتها٣ وأديارها، وصرنا بعد هذا


١ زكي حسن "مجلة المقتطف، عدد يوليو سنة ١٩٣٨ ص٢٣٣".
٢ الأمالي ٢/ ٤٤. وانظر تاريخ ملوك الحيرة للأعظمي ص١٣٦.
٣ عقد صاحب مسالك الأبصار فصلا في كتابه عن حانات الحيرة, فارجع إليه في ١/ ٣٨٩-٣٩١ وكذلك فعل في أديارها.

<<  <   >  >>