للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبحر. محل الملوك ومزارهم ومسكنهم ومثواهم، وقد قدمتها -أصلحك الله- مخفا فرجعت مثقلا وزرتها مقلا فأصارتك مكثرا" قال: "فكيف نعرف ما وصفتها به من الفضل؟ " قال: "بأن تصير إلي ثم ادع ما شئت من لذائذ العيش, فوالله لا أجوز بك الحيرة فيه! ".

قال: "فاصنع لنا صنيعا واخرج من قولك" قال: "أفعل".

فصنع لهم طعاما وأطعمهم من خبزها وسمكها، وما صِيد من وحشها؛ من ظباء ونعام وأرانب وحبارى، وسقاهم ماءها في قلالها، وخمرها في آنيتها، وأجلسهم على رقمها "وكان يتخذ بها من الفرش أشياء ظريفة". ولم يستخدم لهم حرا ولا عبدا إلا من مولديها ومولداتها من خدم ووصائف كأنهم اللؤلؤ، لغتهم لغة أهلها. ثم غناهم حنين "الحيري" وأصحابه في شعر عدي بن زيد شاعرهم وأعشى همدان، لم يتجاوزهما، وحياهم برياحينها، ونقلهم على خمرها، وقد شربوا بفواكهها. ثم قال له: "هل رأيتني استعنت على شيء مما رأيت وأكلت وشربت وافترشت وشممت وسمعت بغير ما في الحيرة؟ ".

قال: "لا والله، ولقد أحسنت صفة بلدك ونصرته فأحسنت نصرته والخروج مما تضمنته، فبارك الله لكم في بلدكم"١.


الأغاني ٢/ ٣٥١ "دار الكتب".
الظلف للبقر كالخف للبعير وكالحافر للفرس. والحبارى: طائر طويل العنق رمادي اللون, في منقاره بعض طول. والرقم: ضرب مخطط من الوشي أو الخز. والوصائف: جمع وصيفة, وهي الجارية البالغة حد الخدمة, وكذلك الوصيف. ونقلهم: أطعمهم النقل، والنقل: ما يتنقل به على الشراب من فستق وتفاح وغيرهما.

<<  <   >  >>