للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التي وصلتنا عن الأقدمين في مختلف حالاتها، لما استطعنا أن نعلم التدرج الذي ترقّت فيه البصرة من الإملاق إلى الثروة. ثم صار لهذه الأرض السبخة القفرة على عهد عمر، الشأن العظيم والمكانة البعيدة في نفوس الكبار, حتى قال زياد: "لو أضللت البصرة لجعلت الكوفة لمن دلني عليها! "١.

والذين نعتوها متفقون على رداءة هوائها مع سعة عيشها، فقد روى ابن عبد ربه عن أبي العباس أنه قال: "إنما مثل الكوفة مثل اللهاة من البدن، يأتيها الماء ببرده وعذوبته، ومثل البصرة مثل المثانة, يأتيها الماء بعد تغيّر وفساد". وقال الحجاج: "الكوفة


١ العقد الفريد ٤/ ٢٦٥. هذا, وقد ألف العلماء في البصرة وخططها وأسواقها وأخبارها تواليف مستقلة لم نطلع عليها. وحسبك أن ابن حزم الظاهري وهو أندلسي في أقصى المغرب, يقول في رسالته في فضل الأندلس:
" ... ولا أعلم في أخبار البصرة غير كتاب عمر بن شبة، وكتاب لرجل من ولد الربيع بن زياد المنسوب إلى أبي سفيان في خطط البصرة وقطائعها، وكتابين لرجلين من أهلها, يسمى أحدهما عبد القاهر كريزي النسب، وصفاها وذكرا أسواقها ومحالها وشوارعها" نفح الطيب ٢/ ١٢٩.
فإذا كان ما اطلع عليه ابن حزم في أقصى المغرب أربعة كتب فقط، فمن المحتمل أن تزخر مكاتب الشرق بالكتب عن البصرة.

<<  <   >  >>