للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ترى به السفن والظلمان حاضرة ... والضب والنون والملاح والحادي

وليس في أيدينا نعت للبصرة أبلغ ولا أكثر إحاطة, ولا أصدق ولا أدق مما قاله خالد بن صفوان لعبد الملك بن مروان، فقد جمع لنا فيه من صفات البصرة وخصائصها ما لم نجده عند غيره، ولا ريب فهو ابن البصرة وأحد بلغاء الناس, وكل من أراد معرفة البصرة في القرن الأول الهجري فهو عيال على صفة خالد هذه، قال:

"يغدو قانصنا فيجيء هذا بالشبوط والشيم ويجيء هذا بالظبي والظليم، ونحن أكثر الناس عاجا وساجا، وخزا وديباجا، وبرذونا هملاجا، وخريدة مغناجا. بيوتنا الذهب، ونهرنا العجب، أوله الرطب، وأوسطه العنب، وآخره القصب:

فأما الرطب عندنا فمن النخل في مباركه، كالزيتون عندكم في منابته، هذا على أفنانه، كذاك على أغصانه، هذا في زمانه، كذاك في إبّانه، من الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، الملقحات بالفحل، يخرجن أسفاطا عظاما، وأوساطا ضخاما كأنما ملئت رباطا. ثم ينفلقن عن قضبان الفضة منظومة باللؤلؤ الأبيض، ثم تتبدل قضبان الذهب منظومة بالزبرجد الأخضر، ثم تصير ياقوتا أحمر وأصفر، ثم تصير عسلا في شنة من سحاء

<<  <   >  >>