ودون الكوفة وسوادها وخيبر وذواتها والأهواز وما بها، أيام المعتصم، وإذا ثلاثمائة وستون ضربا من مُغَلّ معروف وخارجي موصوف وبديع غريب مع طيب عجيب".
وهذا افتنان غير قليل في إجادة الزراعة يدل على حذق بها ورقي بالغ. وذلك عدا ما شهرت به من الأسماك وأنواع اللحوم والألبان والأقطان وسائر التجارات.
ولها إلى ذلك شهرة أخرى تعنينا هنا في بحثنا كثيرا، وهي ما استفاض فيها من علوم ولغة وأدب وشعر حتى صارت تقصد لذلك دون سائر البلاد، وكثر فيها العلماء والشعراء والأدباء والكتاب والفقهاء والقراء ... كثرة تستعصي على الإحصاء، وسنلمّ بذلك في كلامنا على سوقها الكبرى: المربد.
ولم تخل إبان ازدهارها من أن تكون متعة للناظرين ومنازه للمتفرجين، واشتهر فيها وادي القصر الذي قال فيه الجاحظ:
"ومن أتى وادي القصر بالبصرة رأى أرضا كالكافور، ورأى ضبابا تُحْتَرش، وغزلانا وسمكا وصيادا، وسمع غناء ملاح في سفينته، وحُداء جمّال خلف بعيره".
وكأن هذه الجملة الموجزة, نثر ما كان الخليل بن أحمد قاله قبله:
زر وادي القصر نعم القصر والوادي ... في منزل حاضر إن شئت أو بادي