معنى المِرْبَد: محبِس الإبل ومربطها. والمربد أيضا: بيدر التمر؛ لأنه يربد فيه فيشمس. والرُّبدة: لون إلى الغبرة.
ومربد البصرة هذا متسع للإبل تربد فيه للبيع. وكان في الأصل سوقا للإبل، حتى إذا كان عهد الأمويين صار سوقا عامة تتخذ فيه المجالس ويخرج إليها الناس كل يوم، كل إلى فريقه وحلقته وشاعره، وتتعدد فيه الحلقات يتوسطها الشعراء والرجاز ويؤمها الأشراف, وسائر الناس يتناشدون ويتفاخرون ويتهاجون ويتشاورون, وقد وجدوا فيه مستجما لأبدانهم وأرواحهم التي نهكتها الفتوحات، وحنت إلى سابق عهدها في عكاظ فجددت منه ما سمح به الدين الجديد. بل غضت النظر فتسامحت أحيانا وأحيت ما أمات الإسلام من حمية جاهلية وإحن وثارات وأثارت عداوات. كان يبعثها الناس من تلقاء أنفسهم، أو بتشجيع خفي من بعض خلفاء الأمويين؛ ليشغلوا الناس بعضهم ببعض عن الخلافة وما يأتي الخلفاء من هنوات.
فالمربد معرض لكل قبيلة تعرض فيه شعرها ومفاخرها كما تعرض عروضها. وهو مجتمع العرب ومتحدثهم ومتنزه البصريين، يؤمه منهم من عاف رخاوة المدن. وما زال يعلو شأنه وتستجيب له أسباب الكمال, حتى اشتد ولوع الناس به وارتيادهم له. ويظهر أن الأمر