للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أشراف العرب١. فكان المربد يعجّ بأعلام اللغة والأدب والشعر والنحو، معهم محابرهم ودفاترهم يكتبون عن فصحاء الأعراب فيه، وهذه الظاهرة لم تكن في عكاظ قط، فهذا أبو عمرو بن العلاء يسأل الأصمعي: "من أين أقبلت؟ " فيجيبه: "جئت من المربد" فيقول: "هات ما معك"، فيقرأ عليه الأصمعي ما كتب في ألواحه، فإذا ستة أحرف "كلمات" لم يعرفها أبو عمرو، فيخرج يعدو في الدرجة ويقول للأصمعي: "شمّرت في الغريب" أي: غلبتني٢.

ويشبه المربد عكاظ في أمر الشعر وحلقاته، بل يزيد عليه, فلكل شاعر حلقة، ولكل متهاجيين مجلس، ولكل قبيلة نادٍ وشاعر يذود عنها, ويرد عدوان قريعه من القبيلة الثانية. فللعجاج ولرؤبة حلقة، ولأبي النجم العجلي حلقة، ولجرير والفرزدق وراعي الإبل وذي الرمة، لكل منهم حلقة. وكثر هذا المحصول من الرجز والشعر والنكات الأدبية كثرة ملأت أمهات كتب الأدب بأخبارها، ولا شك في أن المربد في هذا فاق عكاظ مراحل واسعة, وفاته بعدد الشعراء والرجّاز وكثرة الروّاد وطلاب الأدب. وفي المربد أطفئت ثالثة


١ انظر كتابنا في أصول النحو ص٨-١٤ "مطبعة الجامعة السورية" سنة ١٩٥٧.
٢ النوادر للقالي ص١٨٢.

<<  <   >  >>