الأدب، وخاصة في المائة الثانية والثالثة والرابعة للهجرة، ثم يرحل إليه أول هذا القرن، لا يجد وصفا للعراق أصدق من قول ياقوت في تلك الأميال الثلاثة التي كانت عمرانا متصلا بين البصرة ومربدها, وأصبحت على عهده خرابا يبابا أفرد المربد من أمه وكان سوقا من أسواقها، وجعله قرية بائنة لا خطر لها.
ولئن كان لعكاظ ذلك الأثر في اللغة العربية: ألفاظها وأساليبها، فإن المربد كان له أيضا في اللغة أثر بعيد يختلف بعض الاختلاف عن أثر عكاظ؛ لما بين الزمانين والمكانين من التباين، فعكاظ في قلب الجزيرة العربية يحج إليها أشراف العرب وفصحاؤها، لا عجمة فيها ولا أثر لأعجميين البتة. والأمر في المربد على العكس: هو في طرف الجزيرة على الخليج الفارسي, وبينه وبين الفرس قرب قريب. وزاد الإسلام والفتوح اختلاط العرب بالعجم فتطرق إلى اللغة الفساد والعجمة واللحن وغشي هذا الضعف مجالس الخاصة من العرب, وأزرى بلهجات الفصحاء حتى صرت تسمع الأمير على المنبر في المواسم يلحن على ملأ من الأعراب والبلغاء والأشراف، فعِيب على الحجاج لحن وأُثر عن عبيد الله بن زياد مثله، وكذلك نقلت لحنات