للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنزعات المتضاربة، استغلها الشعوبيون والمنافحون عن الحقائق على السواء، وشهدت هجوما من أولئك ودفاعا من هؤلاء.

والغريب أن هذا المربد لم يكتف بأن يستأثر بكل ميزة كانت لعكاظ، بل جمعها وضم إليها ميزات جديدة أفادها من خصائص عصره وطبيعة اجتماعه، فإن كانت في عكاظ حروب موضعية بين قبيلتين, فإن المربد كان ميدانا لأكبر فتنة وأشد حرب داخلية وقف فيها المسلم أمام المسلم يكافحه بسيفه ويشرع إليه رمحه. كان المربد ميدانا لإحدى مواقع الجمل، أول حرب فرقت كلمة هذه الأمة المخيفة وجعلت بأسها بينها، وكانت حلقة أولى في هذه السلسلة الطويلة التي نخرت الجسم الإسلامي ومكنت عدوه منه, وكانت أفتك به من كل حرب صليبية وغارة تترية ووحشية أوروبية.

فلأعرض على القارئ مشهدا صغيرا مما جرى في المربد من هذه الحرب, ليحمل باقي المشاهد عليه:

خرجت السيدة عائشة مطالبة بدم عثمان، ناقمة على خلافة علي، ومعها مشيخة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهاجرين وأنصارا، منهم الزبير وابنه، وطلحة وابنه، ونفر من بني أمية فيهم مروان بن الحكم، وآخرون غير هؤلاء، فقصدت البصرة لأن لها فيها نفرا على رأيها.

<<  <   >  >>