ما كتبت في ألواحي، فمر به ستة أحرف لم يعرفها، فخرج يعدو في الدرجة وقال:"شمّرت في الغريب" أي: غلبتني.
والنحويون يخرجون إلى المربد يسمعون من أهله ما يصحح قواعدهم ويؤيد مذاهبهم؛ فقد اشتد الخلف بين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة في النحو وتعصب كل لمذهبه، وكان أهم مدد لمدرسة البصرة هو المربد١. وفي تراجم النحاة نجد كثيرا منهم كان يذهب إلى المربد يأخذ عن أهله. ويخرج الأدباء إلى المربد يأخذون الأدب، من جمل بليغة وشعر رصين وأمثال وحكم، مما خلفه عرب البادية وتوارثوه عن آبائهم، كما فعل الجاحظ: إن الجاحظ أخذ النحو عن الأخفش، وأخذ الكلام عن النظّام، وتلقّف الفصاحة من الأعراب شفاها بالمربد" ا. هـ.
وكما كانت عكاظ يؤمها كل من أراد أن يفتخر أو يعلن أمرا تفرد به أو يشيع في الناس مأثرة أو خبرا، كان المربد كذلك
١ قلت: أقام الكوفيون "سوق كُناسة" بالكوفة؛ لتقوم لهم بما يقوم المربد للبصريين, فلم يفلحوا ولم تذكر سوقهم قط ولا قصدها مثل من يقصد البصرة من فصحاء العرب وخطبائهم وشعرائهم ورجازهم، بل كانت إلى إفساد اللغة أقرب. انظر كتابي "في أصول النحو" ص١٩٠ "طبعة ثانية".