منشرة للمحامد والمساوئ، مسرة الصديق وغيظ العدو، فكل من أراد أن يكبت خصما أو يحقر قبيلة أو يشهر محمدة طلب لها المربد يجعلها فيه؛ لتكون أشيع وأسير وأبلغ في الإرضاء والإغاظة. وقد كان المربد مسرحا لدعوات سياسية ودينية واستغاثات وشكوى ورثاء وفخر كما كانت عكاظ. وأحفل ما كان المربد، في النصف الثاني لعهد الأمويين والثلث الأول لعهد العباسيين. فلأشرع في عرض مناظر تكمل الصورة التي وصفت ليكون القارئ ملما بجميع ما يعرض ويجري في المربد على اختلاف المناحي والغايات، وقد تقدمت صورة على عهد الراشدين وهي حرب الجمل. ولا ريب في أن المربد لم يستفحل أمره وتتعدد مقاصده إلا فيما بعد، في الزمن الذي ذكرت لك من أيام بني أمية وبني العباس:
١- عوذ بقبر:
عبد مكاتَب لبني مِنْقَر، ضاقت حاله ولم يقدر على حيلة يجمع بها المال لسيده حتى يعتقه، فلما عيّ بالأمر أتى قبر غالب أبي الفرزدق، فضرب قبة عليه علامة الاستعاذة والاستغاثة، فقدم الناس فأخبروا الفرزدق أنهم رأوا بناء على قبر غالب أبيه.
قصد المكاتب المربد وتقصى الحلقات حلقة حلقة، حتى وقف على حلقة الفرزدق حيث يجلس, فقال: