للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها برص بجانب إسكتيها ... كعنفقة الفرزدق حين شابا١

ولعله في الأصل على غير ذلك. فانصرف الفرزدق وهو يقول: "اللهم أخزه، والله لقد علمت حين بدأ بالبيت أنه لا يقول غير هذا، ولكن طمعت بالسلامة فغطيت وجهي فما أغناني ذلك شيئا".

واسترسل جرير في الإنشاد, حتى بلغ قوله مخاطبا الراعي:

فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا

فأسقط في يد الراعي وبني نمير عامة. وقال الفرزدق: "غضه والله فلا يجيبه, ولا يفلح بعدها أبدا"٢.

وسرعان ما تناقل هذا البيت أهل المربد، وانفضّ المجلس عليه. وسار الراعي فوجد البيت سبقه إلى أهله وقومه فاستحيا ورحل.

وهكذا انطفأت قبيلة نمير آخر جمرات العرب في المربد، أمام هذا المحفل الحاشد، على يد جرير الشاعر.

١٢- رد عدوان:

قدم معن بن أوس المزني "البصرة" فقعد ينشد في المربد, فوقف عليه الفرزدق وأراد العبث به فقال: "يا معن، من الذي يقول:

لعمرك ما مزينة رهط معن ... بأجفان تطاق ولا سنام٣؟ ".


١ الإسكة: جانب فرج المرأة، وهما إسكتان. والعنفقة: شعرات بين الشفة السفلى والذقن.
٢ الأغاني ٧/ ٤٧.
٣ من معاني الجفن: الشجر الطيب الريح.

<<  <   >  >>