قال المرزوقي:"كانت هذه الأسواق منها ما يقوم في الأشهر الحرم ولا يقوم في غيرها، ومنها ما لا يقوم في الأشهر الحرم ويقوم في غيرها، لكنه لا يصل إليها أحد إلا بخفير ولا يرجع إلا بخفير".
ولا يخفى أن الأمن من أوكد الأسباب في انتظام أمور التجارة، فلولاه ما أخرج بائع بضاعة، ولا تظاهر مشترٍ بملك نقود. ومن هنا كان لقريش تلك الزعامة التجارية؛ لأنها تسكن الحرم حيث الأمن والسلم، وحيث لا تحدث أحدا نفسه بالبغي والعدوان. فكانت تجارات العرب أروج ما تكون حيث يستتب الأمن وتعم الثقة.
رعاية هذه الحرم على ما تقدم ليست مطردة على إطلاقها، بل هي كذلك في الأعم الأغلب، إذ إن هناك قبائل معدودة لا تعرف لهذه المحرمات حقا، فكانت تسفك الدم ولو في الشهر الحرام أو البلد الحرام. علمت قريش أمر هذه القبائل, فكانت تسلك في طريقها على القبائل التي تحفظ لها حرمتها, فإذا وردت على من لا يرعاها تخفّرت بخفير.
ونحن مدينون للمرزوقي الذي له الفضل بإطلاعنا على ما لقريش من منزلة سامية في نفوس قبائل العرب, وخاصة الذين يكونون على