طريقها، كما علمنا من القبائل التي لا تجتاز بها قريش إلا متخفرة.
كانت قريش في خروجها من مكة قاصدة دومة الجندل إذا "أخذت على الحزن لم تنخفر بأحد من العرب حتى ترجع؛ وذلك أن مضر عامتهم لا تتعرض لتجار قريش ولا يتهجمهم حليف لمضري، مع تعظيمها لقريش ومكانهم من البيت. وكانت مضر تقول: قد قضت عنا قريش مذمة ما أورثنا أبونا إسماعيل من الدين. وكانوا إذا خرجوا من الحزن أو على الحزن وردوا مياه كلب، وكانت كلب حلفاء بني تميم. فإذا سفلوا عن ذلك أخذوا في بني أسد, حتى يخرجوا على طيء فتعطيهم وتدلهم على ما أرادوا؛ لأن طيئا حلفاء بني أسد. فإذا أخذوا طريق العراق تخفروا ببني عمرو بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة, فيجيز لهم ذلك ربيعة كلها".
هذا هو نظر أغلب العرب إلى قريش: تعظيم لهم احترام؛ لمكانهم من البيت, ولأنهم سدنته والقائمون بأمور الحاجّ أيام الحج. أذعنت لهم بذلك العرب وعرفوا لهم حقوقهم؛ لأنهم قوام الدين الذي دان به العرب قبل الإسلام وهم لهم تبع. وقد استغل القرشيون هذه المكانة القدسية، فضربوا في جزيرة العرب شمالا وجنوبا متاجرين لا يعرض لهم, ولا لأموالهم أحد.