للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكانوا بطبيعة الأمر مسيطرين على الأسواق الثلاث الكبرى التي تقوم قريبا من مكة, وهي: عكاظ ومجنة وذو المجاز, وفيها يجتمع أكبر حفل من بلاد العرب من جميع أطرافها لوقوع هذه الأسواق في أيام الحج, وقريبا من أمكنته.

ويظهر أن قريشا لم تكتف بما لها من نفوذ في قبائل العرب, بل أرادت أن تصبغ نفسها صبغة تمتاز بها منهم في الدين نفسه، كأنهم طبقة خاصة تتمتع بحقوق ليس لغيرهم أن يتمتع بها، ورمت من وراء ذلك إلى أن تمكن هيبتها في نفوس الأعراب الغفل, أقصد بذلك ما يعرف في كتب السير بحديث "الحُمْس":

مادة "حمس" في اللغة تفيد الشدة والصلابة في الدين والقتال.

تلقبت قريش بالحمس هي وأحلافها من كنانة، وخزاعة، وجديلة، وكلاب, وكعب, وعامر, بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة١, ومن تبعهم في الجاهلية، وخلاصة هذا الحديث في بدعتهم تلك أنهم قالوا فيما بينهم:

"نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت وقطّان مكة، فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف له


١ العمدة ٢/ ١٨٨. ولأبي عبيدة "كتاب الحمس من قريش", الفهرست لابن النديم ص٨٠. وانظر تعدادهم أيضا في "المحبر" لمحمد بن حبيب ص١٧٨.

<<  <   >  >>