وهناك اتفاق آخر فطن له كثيرون، وعجبوا له العجب كله, وهو افتتاح المعرض في ليلة ذكرى المولد النبوي، في الليلة التي يستعيد فيها المسلمون ذكرى ما قدموا للإنسانية من نظم وحضارة وعدل وسعادة، في الليلة التي ولد في مثلها قبل أربعة عشر قرنا، خير طفل حملته الأرض، وكان له يد ومنة على كل من نعم بسعادة وشمل برحمة وتمتع بعدل واغتبط بعرفان.
افتتح معرض دمشق وسوقها في مساء الليلة التي يقول فيها المسلم والعربي غير المسلم: كان منا هادٍ أفاض الرحمة على الإنسان والحيوان والجماد ... فتفاءل الناس خيرا, وأيقنوا أنهم لا بد بادئون تاريخهم من جديد وقد ولد ليلة المولد هذا المعرض، وهو فاتحة مباركة في تاريخ بعثنا الحديث إن شاء الله.
فإنا كما شرعنا نصل حلقات السلسلة التي انقطعت، بجهادنا للحرية والحق، والعدل والنور، افتتحنا ليلتنا هذه بوصل حلقة مجدنا الصناعي والتجاري. وإن الإنسانية لتنتظر على أحر من الجمر، وبفارغ الصبر, الشعب الذي نعمت في ظلاله ليتبوأ مكانه من جديد, ويقوم برسالته في هذا العالم الذي ملئ اليوم رذيلة وعسفا ومادية. وإن انتعاش الشعب العربي انتعاش للخير والإنسانية، ونصرته نصرة للعدل والعمران، وما كانت الإنسانية لتنسى الذين كانت على عهدهم حقائق ملموسة فأصبحت اليوم طلاء ودهانا، بل الإنسانية اليوم -إذا دققنا في حقيقة أعمال من يدّعون حمايتها- شقاء باسم السعادة، وظلم باسم الرحمة، ووحشية باسم الحضارة، ولصوصية باسم الحق، ودناءة وحطة وإماتة ضمير وخذلان خلق وبهيمية.. باسم التمدين..