حق الحرم، وليس لهم في قوتها أساطير تعاقب من انتهك حرمة الشهر. واقرأ إن شئت حديث إساف ونائلة١ اللذين مسخا صنمين؛ لأنهما لم يحفظا للبيت حرمة، واقرأ إن شئت الأحداث التي ترويها سيرة ابن هشام "١/ ١٨ فما بعد" في ذلك والأشعار، وكلها متضافرة في بيان تعظيم حرمة البيت والعقاب الشديد الذي حل بمن أراد انتهاكها.
٤- أمر النسيء وهو تلاعب محض بالتقاليد التي تخص الشهر، ولم يؤثر لهم مثله ولا قريب منه فيما يخص الحرم. جاء في أمالي القالي:
"إنهم كانوا إذا صدروا عن منى قام رجل من بني كنانة يقال له: نعيم بن ثعلبة فقال: "أنا الذي لا أعاب ولا يرد لي قضاء" فيقولون له: "أنسئنا شهرا" أي: أخر عنا حرمة المحرم فاجعلها في صفر.
وذلك أنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر "ذو القعدة وذو الحجة والمحرم" لا تمكنهم الإغارة فيها؛ لأن معاشهم كان من الإغارة, فيحل لهم "نعيم بن ثعلبة" المحرم ويحرم عليهم "بدلا منه"
١ في كتاب الأصنام للكلبي: أن إساف رجل من جرهم يقال له: إساف بن يعلى، ونائلة بنت زيد من جرهم وكان يتعشقها في أرض اليمن، فحجا فدخلا الكعبة، فوجدا غفلة من الناس وخلوة من البيت, ففجر بها فيه فمسخا, فأصبحوا فوجدوهما ممسوخين, فوضعوهما ليتعظ بهما الناس. فلما طال مكثهما وعُبدت الأصنام عُبدا معها ا. هـ. ثم صارت قريش تنحر عندهما النسائك.