للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

وأمَّا عقيدة أهل التمثيل: فهي تقوم على دعواهم أن الله عز وجل لا يخاطبنا إلا بما نَعقل، فإذا أخبرنا عن اليد فنحن لا نعقل إلا هذه اليد الجارحة؛ فشَبَّهوا صفات الخالق بصفات المخلوقين، فقالوا: له يد كيدي، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

وأمَّا العارفون به، المُصدقون لرسله، المُقرون بكماله فهم يُثبتون لله جميع صفاته، ويَنفون عنه مشابهة المخلوقات، فيجمعون بين الإثبات ونفي التشبيه، وبين التنزيه وعدم التعطيل، فمذهبهم حسنة بين سَيئتين، وهدًى بين ضلالتين.

وخلاصة القول: أن عقيدة أهل السنة تتميز عن عقيدة المشبهة، بأن أهل السنة يُفَوِّضون علم كيفية اتصاف الباري عز وجل بتلك الصفات إلى الله عز وجل، فلا عِلم للبشر بكيفية ذات الله- تبارك وتعالى، «ولا تفسير كُنه شيء من صفات ربنا تعالى؛ كأن يقال: استوى على هيئة كذا.

وكل مَنْ تجرأ على شيء من ذلك فقوله من الغُلو في الدين والافتراء على الله عز وجل، واعتقاد ما لم يأذن به الله ولا يليق بجلاله وعظمته ولم ينطق به كتاب ولا سنة، ولو كان ذلك مطلوبًا من العباد في الشريعة لبَيَّنه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو لم يَدَع ما بالمسلمين إليه حاجة إلا بَيَّنه ووَضَّحه، والعباد لا يعلمون عن الله تعالى إلا ما عَلَّمَهم، كما قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}؛ فليؤمن العبد بما عَلَّمه الله تعالى وليقف معه، وليُمسك عما جهله، وليكل معناه إلى عالمه» (١).

وأمَّا المشبهة فقد تعمقوا في شأن كيفيات صفات الله وتَقَوَّلوا على الله بغير علم، فقالوا: له بصرٌ كبصري، ويدٌ كيدي،، وقَدَمٌ كقدمي، تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.


(١) انظر: «معارج القبول» (١/ ٣٢٦، ٣٢٧).

<<  <