للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن صور الازدواج في ديوان اجتماع الشكلين القديم والحديث فيه، فبعض قصائده (ما عدا خطاب إلى يزيد) هي من المثلثات أو المربعات؟ الخ: أي تتحد القافية فيها في دورات تتكون الدورة فيها من ثلاثة أبيات أو أربعة أو أكثر؛ وبعضها الآخر يعتمد مبدأ التفاوت في عدد التفعيلات، ولكن الشاعر رغم اعتماده للشكل الجديد، فلما يغفل القافية في هذا اللون من الشعر، مما يكسب قصائده الجديدة اتساقا داخليا في النغم، كما انه قلما يقطع معنى ويستأنف آخر في الشطر الواحد (وهو أمر سيكثر منه في المستقبل) ، ومعنى هذا أن ابتعاده عن الشكل القديم لا يزال يتم في تهيب وحذر، ولذلك فأنه يعوض عدم التساوي في الأشطار بتنغيم مقصود، من الترديد المعتمد وغيره، فلا يحس القارئ بأن الشاعر ابتعد كثيرا عن شكل الدورة الثلاثية أو الرباعية.

وقد تحدث الشاعر في مقدمة ديوانه عن هذا اللون الجديد؟ حينئذ - من الشعر، فرد إقدامه عليه إلى تأثره بالشعر الإنكليزي الذي يعتمد " الضربة " أساسا فقال: " وقد رأيت أن من الإمكان أن تحافظ على انسجام الموسيقى في القصيدة؟ رغم اختلاف موسيقى الأبيات - وذلك باستعمال الأبحر ذات التفاعيل الكاملة، على أن يختلف عدد التفاعيل من بيت إلى آخر، وأول تجربة لي من هذا القبيل كانت في قصيدة (هل كان حبا) من ديواني الاول (أزهار ذابلة) ؛ وقد صادف هذا النوع من الموسيقى قبولا عند كثير من شعرائنا الشباب، اذكر منهم الشاعرة المبدعة الآنسة نازك الملائكة " (١) .

وهذا الإطراء للشاعرة نازك يخفي في طياته دعوة إلى تنازلها للسياب عن السبق إلى ابتداع هذا الشكل الجديد؛ وذكر الشاعر


(١) أساطير: ٦.

<<  <   >  >>