للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- ٥ -

[بين الأقحوانة وذات المنديل]

كانت النقلة إلى بغداد في مطلع العام الدراسي (١٩٤٣ - ١٩٤٤) والى دار المعلمين منها تحولا إلى عالم جديد يكفل للسياب مزيدا من الثقافة وقسطا من الشهرة الأدبية، وانفتاح العينين على صخب الحياة ومختلطات أحداثها في إبان الحرب العالمية الثانية، ويوسع الكوة التي يطل منها على العالم الخارجي، ويقرب إلى انفه الفاغر على روائح الأنوثة نماذج متنوعة من نساء يعشن في الواقع عيش الآدميين الذين يخطئون اكثر مما يصيبون، ويخضعون للنزوات العابرة، وتتحول بهم العلاقات حينا إلى اليمين وحينا إلى اليسار، ويفلسفون الهجرة المتأرجحة بهم بين الواقع والمثال.

ومن عجب أن " الراعي " الذي كان يهم بمفارقة المروج الحبيبة لم يبك لان القطعان ستغيب عن ناظريه، وإنما تغنى بالسلوان واشتق معنى شعريا من الفراق يحيله إلى حقيقة ضرورية. ها هو قد انفرد عن من يحب، وهل يمكن للنور ان ينفذ من بين دفتي النافذة إلا إذا انفردت إحداهما عن الأخرى، وهل يمكن للطائر ان يطير إلا إذا تباعد جناحاه من منشورين (١) ؟


(١) أغنية السلوان (إقبال: ١٠٢ - ١٠٤) ٧/٨/١٩٤٣.

<<  <   >  >>