يمكن أن يقال أن شاعرية بدر تفتحت مع بداية الحرب العالمية الثانية، غير متأثرة أو منفعلة بها، وكانت تلك الحرب قد فاجأت الحركة الشعرية في جميع أنحاء العالم العربي، وهي تنقلب على مهاد الأحلام وتسبح في الأضواء والعطور؛ كان محمود حسن إسماعيل قد بنى كوخه الريفي الجميل فجذب إليه كثيرا من الشبان الناشئين الذي يحبون البساطة ويؤئرون الحياة الريفية، وكان المهندس يتنقل تائها في زورقه بين عوالم تتدفق فيها الفتنة ويعج فيها السحر؛ وكانت قصائد هذين الشاعرين قد أصبحت نماذج تستهوي من يحاول ان يعزف على القيثارة الشعرية؛ وربما لم ينازعهما ثالث هذه المكانة، وان استطاع أنور العطار أن يستميل إليه عددا غير كثير من أنصار طريقته.
ولم تكن تلك الموجة الرومنطقية هربا من الحرب لأنها كانت راسخة الأصول قبل ذلك، ولا كانت تمثل مفارقة صارخة مع الحرب نفسها، لأننا حين ننزع عن عيوننا غشاوة التقليد ندرك أن الحرب لم تكن تمثل لدى الأمة العربية قضية إنسانية بين الظالم ومظلوم، وإنما كانت في البداية صراعا بين قوى الطغيان من الجانبين، فإذا اندحرت فيها بريطانيا لم تتحطم حضارة لتسود في موضعها همجية ضارية، ولم تهو مثل عليا ليحل محلها بناء لا أخلاقي؛ بل كان العرب قد عرفوا من