عاد السياب إلى أحضان " الروحية " ادعانا لصورة الأم، وتقبلا لإرادتها، فقد كان يحس أنه لا يستغني عن وجه من وجوه اللقاء بها، وهذا معناه أن يؤمن؟ على الأقل - بتلاقي الأرواح بعد الموت، أو أن يؤمن باتحاد النفوس الإنسانية في رحم الأم الكبرى (الأرض) مثلما آمن بالقوى لسارية التي تحرك مخاض تلك فتربو وتهتز وتلد، واتخذ لتلك القوى أسماء مثل تموز وعشتار وأتيس وغيرها، وقد أبعده كفاحه النضالي عن مجال " الروحية " حين جعله يتخذ من الحزب ومبادئه قوة يستند إليها فتغنيه عن السند الذي كان يحتاج إليه وهو متفرد منعزل في شبابه الباكر لا يجد إلا " النخلة الفرعاء " مستندا يحمل روحه وجسده، وحين خطأ بعد انهيار الركن الجماعي الأول ليعانق ركنا جماعيا جديدا في القومية المغلقة؟ حسب مفهومه - بنوع من الدين القومي استند إلى هذا الركن فترة من الزمن غير طويلة، ذلك أنه؟ لا شعوريا - اكتشف حقيقة موقفه الجديد من خلال رموز الأرض، فكأنه كان من خلال هذا الانتماء الجماعي يعود مرة أخرى إلى الام، إلى فرديته القديمة، ولذلك فانه سرعان ما تحول من تموز إلى المسيح أو وحد بينهما في القوة الرمزية، وسرعان ما وجد نفسه؟ في حومة مجلة " الشعر " - يبشر بقيم دينية في الفن؛ وإذا كان هذا هو الجانب