للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ناجحة؟. " (١)

وفي الرسائل المبكرة بين الدكتور سهيل إدريس والسياب أوضح صاحب الآداب للشاعر انه قطع على نفسه العهد " بخدمة المجموعة العربية وأدبها السائر نحو النور " (٢) وكان توجيها للشاعر في الطريق الجديد، ولهذا جاءت الرسائل تحمل نغمة جديدة لم نكن نسمعها مثل: " اننا نؤمن بالإنسانية وبالأمة العربية لا بأشخاص بذاتهم ولا بحزب سياسي بذاته " ومثل: " أن النصر لنا ولأمتنا ومن ذلك: " أرجو؟. أن أوفق إلى إرضاء قراء مجلتنا القومية الشريفة " وما أشبه ذلك. فهل سار شعر السياب أيضاً في هذه الطريق نفسها؟

اكبر الظن أن بعض قصائد هذه الفترة التي امتدت قرابة ثلاث سنوات قد جعلت الكثيرين يظنون ان السياب بعد انفصاله عن الحزب الشيوعي العراقي استل قلمه الحاد وجنده في خدمة القضية العربية، ولم يعد من الصعب على من يحبون رفع الشعارات ان يسلكوه في صف دون آخر؛ ولكن الحقيقة الفنية أقوى دلالة من الأماني والرغبات؛ ونظرة واحدة إلى قصائد هذه الفترة تنبئنا عن واقع الحال هنالك: فالقصائد التي نظمها السياب في هذه الفترة ربما لم تزد على خمس عشرة قصيدة، منها أربع فقط تتناول القضايا العربية العامة على نحو مباشر صريح، ومن هذه اثنتان تتناولان المغرب العربي، وواحدة تتحدث عن اللاجئين، وواحدة عن بور سعيد. أما بقية القصائد فبعضها يتحدث عن قضايا إنسانية عامة كقنبلة هيروشيما، وبعضها عن لوركا، ولكن ابرز ما يلفت النظر إليها من حيث الموضوع عودة الشاعر إلى موضوعات متصلة بمشكلات ذاتية مثل " مرثية جيكور " و " عرس


(١) رسالة إلى الدكتور إدريس بتاريخ ٤ - ٣ - ١٩٥٦، أما الجزء الذي يتحدث عن الخضر وسمكته والأسماك المصنوعة من الذهب والفضة فقد حذف من القصيدة المنشورة في أنشودة المطر: ٢٢ - ٢٦.
(٢) انظر صدى ذلك في رسالة من بدر بتاريخ ٢٥ - ٣ - ١٩٥٤.

<<  <   >  >>