للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحسب الجفاف الذي سيعتري كل شيء في الوجود. أما قصيدتها " ما زال المطر يتساقط " (١) حيث يومئ المطر إلى الموت والدماء والقنابل المتساقطة في الغارات الجوية فانها قد ألقت ظلها التام على قصيدة السياب " مدينة السندباد " (٢) .

ولعل قصيدة: " مرثية جيكور " و " مرثية الآلهة " و " من رؤيا فوكاي "؟ (وهذه القصائد الثلاث تمثل مشروع قصيدة واحدة مما كان يسميه السياب ملحمة) أقوى قصائد الشاعر صلة بأثر اديث سيتول، لأنها تعد شاهدا على الاتباع الدقيق وعلى الاستقلال في نطاق ذلك الاتباع. فقد عمد الشاعر إلى قصيدة " ترنيمة السرير " Lullaby (ص٢٧٤) وإلى " ثلاث قصائد في القنبلة الذرية " (٣٦٨ - ٣٧٨) فاستمد منها كثيرا من تصوراته ومن الجو العام الصالح لمثل موضوعه، بل جاراها في بعض الرموز والعبارات مقتبسة أو محورة.

وتقع " مرثية جيكور " منفصلة عن سائر القصيدة ولكن هذا ليس سوى ترتيب موضوعي اقتضاه الديوان حين نشرت القصائد مجتمعة؛ وعلينا أن ننظر في تلك القصائد من حيث تمثل وحدة، فتجيء " مرثية الآلهة " أولا، - وقد كان الشاعر كتب غليها عند نشرها في مجلة الآداب أنها " مقطع من قصيدة رؤيا فوكاي " (٣) وبعدها تجيء " رؤيا فوكاي " ثم تجيء " مرثية جيكور " لتكون ختاما. وقد عدل الشاعر عن اعتبار هذه القصائد وحدة متكاملة حين أحس انه عجز عن إخراج " ملحمة " متناسقة الأجزاء متلاحقة الفصول، ولكن شيئا من النظام المقبول يمكن ان يستشف من هذه القطع الثلاث على حسب الترتيب الذي افترضته، فالقطعة الأولى تصور غياب صورة الإله عن الكون


(١) انظر ص: ٢٧٢.
(٢) أنشودة المطر: ١٥٠.
(٣) الآداب (١٩٥٦) عدد شباط.

<<  <   >  >>