للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولهذا تأكل منه الضيفة وتظل جوعانة كجوع ربة البيت. وتتسلل الأحاديث مطيفة بمن خطبت ومن فسخت خطبتها، وهذه النار التي تأكل لحوم البشر نوع آخر من طلب الدفء حين يكون القمر نفسه مبتردا في الأفق، ورويدا رويدا تحس الضيفة بالبرد رغم تدثرها بالفراء، فقد اذكت القصص المثيرة النار في دمها ولكنها عادت فانطفأت؟ وتتسمع النساء على ما يحدث في الخارج فلا يسمعن إلا صوت الليل والجليد وعواء الذئاب؟ عندئذ تتوجه ربة البيت إلى زوجها ليأتي ويشاطرها شيئا من البرد (لأن الضيفة مبتردة أيضاً مثلها) فهي تريد ان تبعث الحرارة في دمها باغتياب الناس أي أكل لحومهم ثم حملها على نقالة الليل ودفنها في قلب زوجها الذي اصبح باردا كأنه مقبرة. وقد اسقط السياب جزءا من القصيدة كان قد نشره في الآداب (عدد أيار ١٩٥٦) ومن هذا الجزء نعلم أن الزوج في الخارج في بيت صديق أو بار، وان زوجته لا ترى مفاجأة في عودته سواء جاء في الموعد أو تأخر:

لا لوم عليه فقد أعطى ما اطلب منه ولا عتب ... خدم ورياش ملء البيت وأبهة؟. دنيا ونقود ... وفيه منظر للسيدات وهن يقرأن البخت على سطور فنجان:

ماس وبقيتها ذهب ... وهدية والدها؟ الله هدية والدها عجب: ... صياد بين يديه شباك ... تتلامح ملأى بالأسماك ... ذهب وزعانف من فضة ... ولآلئ توهم أن هياكلها ذهب ... وبأن لصائدها خضه ...

<<  <   >  >>