للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: " نازك الملائكة اكبر من ديوانها "؟ وهو حكم غريب حقا - ثم أن يقول أخيراً في مهدي الجواهري، أنه " قد اخذ مكانه إلى جانب المتنبي وأبي تمام وهو اعظم من اختتمت به هذه الحلقة الذهبية من شعرائنا العظام البادئين بطرفة بن العبد والمنتهين بالمعري قبل الجواهري ". أما كيف انتهت الحلقة بالمعري ثم وجد فيها الجواهري بعد الانتهاء، فأمر يرجع فيه إلى قدرة السياب على فهم معنى البداية والنهاية، وحين يقول السياب: أن شوقي يبدو قزما إلى جانب الجواهري العظيم " فانه يمعن في تحكيم العلاقات الشخصية وبسط ظلها على مقاييس الأدب والنقد.

وربما صح أن نقف هنا على ما قاله في صديقه القديم كاظم جواد، لا لقيمة في الكلام نفسه وإنما لما أثاره من غبار، فقد قال في الشاعر الذي كان صديقا: " يبلغ قمة الإجادة عندما يكتب عن نفسه دون أن يقلد أحدا ولكنه يعتمد على لهياج في اغلب قصائده مما يفسد عليه إمكانياته "، ووقعت لفظة " الهياج " موقعا مثيرا من نفس كاظم فكتب في أحد الأعداد الأسبوعية من جريدة الشعب يتهم السياب بأنه استورد في رحلته قيما نقدية من لبنان، وان من حقه ان يفرض هذه القيم على نفسه ولكن ليس من حقه أن يفرضها على الآخرين، وقال كاظم: " فإذا كان الحماس في سبيل القضية العربية أو الفورة في سبيل الحق والانسانية، واذا كانت الصراحة يمكن أن تدرج تحت كلمة تهيج فانا فخور جدا أن أكون دائما من المتهيجين، أما انطفاء الآخرين، أما موتهم الكسيح، أما نهايتهم فلتدرج تحت ألفاظ الحكمة والتأني والفن الصحيح؟ " (١) ولم ينس كاظم ان يعلن عن ديوانه الذي يوشك ان يصدر وان يتحدى السياب بأن يثبت عليه التقليد في قصيدة واحدة


(١) العدد الأسبوعي من جريدة الشعب رقم ٣٨٧٦ (تاريخ ٦/٧/١٩٥٧) .

<<  <   >  >>