رمز تموز لا يتصل بخطيئة اصلية، وإنما يمثل قوة خصب مستوحاة من التصور البدائي، وليس له أية علاقة بإطار أخلاقي.
ومن الدليل على هذا التكيف الطوعي للالتقاء مع مجلة شعر تلك المحاضرة التي ألقاها في أمسية دعته المجلة إليها ببيروت حيث طغى النغم الديني على تلك الكلمة، ولم يكن ذلك النغم الديني عاما حين أخذ السياب يتحدث عن تصوره للشاعر من خلال رؤيا القديس يوحنا، وغير بعيد عن هذا الجو نفسه أن تكون القصيدة الثانية التي نشرها في مجلة شعر بعنوان " المسيح بعد الصلب "(١) .
وإذا نظرنا في قصائد هذه الفترة (١٩٥٧ - ١٩٦٠) وحدناها فئتين تشيع في كل منهما سمات غالبة، فئة نظمها قبل أحداث العراق الدامية بعيد ثورة تموز، وفئة نظمها بعد تلك الأحداث (وعلى الأخص سنة ١٩٦٠) ، وبين المرحلتين تقف قصيدة واحدة من نتاج عام (١٩٥٩) تعد جسرا بينهما وهي " إلى جميلة بوحيرد ".
وقصائد الفئة الأولى خمس، وهي حسب الترتيب الزمني:
١ - النهر والموت، ٢ - المسيح بعد الصلب، ٣ - جيكور والمدينة، ٤ - قارئ الدم، ٥ - مدينة بلا مطر.
وتتميز هذه الفترة من زاوية الشاعر نفسه بالإحساس الذاتي بالعقم، إذ لم يكن من طبيعته أن يقتصر طوال سنتين على خمس قصائد، وقد بلغ هذا العقم ذروته سنة ١٩٥٩ حيث لم ينظم إلا قصيدة واحدة، ولهذه الظاهرة أسباب متعددة، منها انتشاله بطلب الرزق وانتهاكه في العمل الصحفي إلى جانب وظيفته، ومنها ضياع اثر الصدمة التي يحدثها الزواج أول وهلة حين يفتح عيني الشاعر على ألم عميق للتباين بين