ليعرف الصباح والأصيل ... والصيف والشتاء ... لكي يجوع أو يحس جمرة الصدى ... ومن اللافت للنظر في هذه القصيدة نفسها أن السياب عاد فيها إلى رمزه القديم المحبب " قابيل ":
الموت في البيوت يولد ... يولد قابيل لكي ينتزع الحياه ... من رجم الأرض ومن منابع المياه ... فيظلم الغد ... وقد كان " قابيل " من اشد الرموز ملاءمة لموضوعه في هذه القصائد، ولكنه استبعده؟ إلا قليلا - وآثر عليه رموز تموز وعشتار والمسيح ويهوذا ولعازر وسربروس.
لنقل أذن أن السياب لم يعد إلى جيكور بل مد عهد الرعب من تاريخ صلته بالمدينة، إلا أنها كانت صلة كراهية وبغض متزايد؛ وإذا كان لقصائد السياب في عهد الرعب من ميزة فهي انها جعلته يطيل الوقوف إزاء قضية (أو على الأصح ضد قضية) ويحس انه مسئول أمام نفسه ووطنه عن تصحيح وضع يعتقد انه خطأ. ولكن توتر الأعصاب في سبيل قضية ما على نحو محموم كان يعني أنها سترتخي طالبة الراحة مما اعتراها من إرهاق؛ وسرعان ما اصبح السياب يحلم بالتخلص من المدينة وبالعودة إلى مرابع الطفولة، كان جسمه متعبا، وكان الموضوع الشعري قد استنزف طاقته الفنية وجعلها أيضاً مرهقة؛ وكذلك كان، فقد عاد إلى منطقة يسهل علبه ان يذهب منها لزيارة جيكور كل يوم، ذلك حاله في الواقع، أما في الفن، فانه يوم وقف يعلن انه قد غدا متخما من الالتزام، فإنما كان يتحدث؟ بصراحته