غاب أو مات) محرض يتحتم اعتقاله. كذلك الحال قبل الثورة، يقول كاراكتاكوس:" وكانت إحدى الأرامل التي توفي ولدها تتلقى مثل هذه الزيارات من رجال الشرطة بعد كل مظاهرة بحثا عن ولدها المشبوه "(١) ، وكذلك كانت الحال بعد الثورة، " وكأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا "؟ فان الشرطة لم تقرأ مقالات بدر في التنصل من اشيوعية، ولا يهمها أن تقرأ ما دام اسمه في " كتاب مبين ". ثم لا يهمها أيضاً أن يكون في بغداد أو بعيدا عنها. بل هو في بغداد رغما عنه، وان ادعى انه هاجر منذ أسابيع إلى البصرة.
وسيق الرجل الذي حرق جميع سفنه الحمراء وهو ينادي " يا أعداء الشيوعية اتحدوا "، ونقل في قطار بضائع في شتاء العراق القارس القاسي إلى بغداد، وزج به في السجن مع الرفاق الشيوعيين. أية سخرية تراءت لبدر الساخر الفكه في تلك اللحظة؟ لا أحد يدري، ولكن المناكفات والتعبيرات ونكأ الحزازات تركته لقى على ارض السجن أو حطاما، فاضطرت دائرة الامن إلى نقله من بين الرفاق ووضعه مع البعثيين، ولا ريب في انه كان أقرب إليهم ميولا وروحا حتى قيل انه بعد خروجه من الحزب الشيوعي تحول بعثيا. ويقول الثقة الذي روى هذه القصة (وأنا اكتم اسمه متعمدا) ؟ وتلك قصة لم يشر إليها بدر بصراحة - أن البعثيين الذين دخل السجن معهم كانوا يقضون ليلهم وهم يداوون جراحهم وحروقهم لشدة ما يلقون من صنوف التعذيب حتى بلغ الأمر بأحدهم وقد تشوهت خلقته أن لف نفسه ببطانية واحرق نفسه على مرأى من السياب. وفزع الشاعر ذو الحس المرهف للموت يراه عيانا على بعد خطوة، فانهارت نفسه، وخرج من السجن معتلا، يظن ان سر الوهن في جسمه النحيل، لأنه