للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نفسه المحطمة الكسيحة:

وها أنت تدمع فيك العيون ... وتبكين قتلاك. نامت وغى فاستفاق ... بك الحزن؛ عاد اليتامى يتامى، ... ردى عاد ما ظن يوما فراق؛ ... سلاما بلاد الثكالى بلاد الايامى ... سلاما، سلاما؟ ... أن مثل هذه القصيدة يدل على أن السياب لم يتخل عن الالتزام وحسب بل انه كان عاجزا؟ حينئذ - عن التمسك به، رغم شيء من الحسرة على فراقه.

وحين ابتعد ظل الالتزام عن الشعر اخذ ظل الرموز ينحسر أيضا، ذلك لأن السياب ربط بين الرمز والنضال السياسي، فجعل الرمز طريقة للتعمية والتستر وملاذا من وجه التضريح الذي يلقي بصاحبه في أغلال الاضطهاد أو غيابات السجون، وقد عبر عن ذلك في محاضرته بروما حين قال: " وساعدت الظروف السياسية؟. حيث الإرهاب الفكري وانعدام الحرية على اللجوء إلى الرمز " (١) ، أي انه جعل الرمز مرادفا للحكاية الكنائية التي يوري فيها الشاعر عن غايته بمحمل تمثيلي، وهذا تحديد ضيق للرمز، وقصر له على مظهر واحد. وبسبب هذا التحديد نفسه فقد السياب صلته " الرمزية " بقصة تموز ولم يعد يلجأ إلى استغلال الأسطورة كما كان يفعل من قبل. ولست أعني أن الأسماء الأسطورية أو الرمزية قد اختفت من شعره بل ظل يذكر تموز وعشتار وقابيل والمسيه، ولكنه لم يتعد مرحلة التمثيل أو التشبه ليوضح بذكرها فكرة أو صورة، بل أن المرض جعله يضيف إليها أسماء أخرى


(١) انظر أضواء: ١٢٣.

<<  <   >  >>