للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها الحرص على مبنى فني مركب، لأن أكثرها انفجر مع انفجار اللحظات العاطفية المترجحة بين التفاؤل واليأس، فهي تتدفق مع سورة العاطفة وتقف بتوقفها في اللحظة المعينة، وقد حاول الشاعر في بعضها التلاعب بالوزن، وأبرز مثل على ذلك قصيدة " جيكور أمي " (١) حيث يتعاقب وزن الخفيف والرمل والرجز وهي من اشد القصائد إخفاقا، وتعد نوعا من العبث أو التجربة العابئة في نطاق الإيقاع الشعري. وكثير من قصائد هذه الفترة اشد حرصا على نوع من التوازن في القافية من سائر شعره، وبعضها مزيج لا تعرف له سببا بين تفعيلات متساوية في الشطرين وأخرى متفاوتة. والحقيقة الباهرة في هذه القصائد ليست في موضوعها ولا صورها ولا تنوعها وإنما هي في عدم سأم الشاعر من التدفق بها. ولعل من المفيد أن نستأنس هنا برأيه في اشعر عامة، وفي قصائد هذه الفترة خاصة، فأما نظرته إلى القصيدة من حيث هي عمل فني فيتمثل في قوله (٢) :

وهكذا الشاعر حين يكتب القصيدة ... فلا يراها بالخلود تنبض ... سيهدم الذي بنى، يقوض ... أحجارها ثم يمل الصمت والسكونا ... وحين تأتي فكرة جديدة ... يسحبها مثل دثار يحجب العيونا ... فلا ترى. إن شاء أن يكونا ... فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض ... إلا على رمادها المحترق ...


(١) الشناشيل: ٧٧.
(٢) منزل الاقنان: ١٢٧.

<<  <   >  >>