على قتله، فانتدب لذلك محمد بن مسلمة، وسلكان بن سلامة بن وقش أبو نائلة، أحد بني عبد الأشهل، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، وعباد بن بشر بن وقش، والحارث بن أوس بن معاذ، وهما من بني عبد الأشهل، وأبو عبس بن جبر، أخو بني حارثة. فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا غير ما يعتقدون، على سبيل جواز ذلك في الحرب. فقدموا إليه سلكان بن سلامة، فقصد له، وأظهر له موافقته على الانحراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه ضيق حالهم، وكلمه في أن يبيعه وأصحابه، فخرجوا، وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد في ليلة مقمرة. فأتوا كعباً، فخرج إليهم من حصنه، فتماشوا، فوضعوا عليه سيوفهم، ووضع محمد بن مسلمة مغولاً كان معه في ثنته فقتله (١) ، وصاح الفاسق صيحة شديدة، انذعر بها أهل الحصون حواليه، فأوقدوا النيران؛ وجرح الحارث بن أوس في رجله ببعض سيوف أصحابه أو في رأسه، فنزفه الدم، فتأخر ونجا أصحابه، فسلكوا على بني أمية بن زيد إلى بني قريظة، إلى بعاث، إلى حرة العريض، فانتظروا صاحبهم هنالك، فوافاهم، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الليل وهو يصلي، فأخبروه، وتفل على جرح الحارث بن أوس فبرأ، وأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على
(١) المغول، بالكسر: شبه سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه، وقيل: هو حديدة دقيقه لها حد ماض وقفا، وقيل: هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتل على وسطه ليغتال الناس. والثنة من الإنسان: ما دون السرة فوق العانة أسفل البطن.