واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد؛ وهو شاب، ابن نيف وعشرين سنة، وكان في غاية الورع والزهد، فأقام الحج بالمسلمين تلك السنة. وهو أول أمير أقام الحج في الإسلام، وحج المشركون على مشاعرهم.
وأتى كعب بن زهير بن أبي سلمى تائباً مادحاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قبل ذلك يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل صلى الله عليه وسلم إسلامه ومدحه، وأثابه.
غزوة تبوك (١)
هذه آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وكان رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من عمرته بعد حصار الطائف كما ذكرنا في آخر ذي القعدة من سنة ثمان.
فأقام بالمدينة ذا الحجة، والمحرم، وصفرا، وربيعا الأول، وربيعاً الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة. فلما كان في رجب من سنة تسع من الهجرة، أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزو الروم؛ وذلك في حر شديد حين طاب أول الثمر، وفي عام جدب.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يكاد يغزو إلى وجه إلا ورى بغيره، إلا غزوة تبوك، فإنه صلى الله عليه وسلم بينها للناس، لمشقة الحال فيها،
(١) انظر: الواقدي: ٤٢٥، وابن هشام ٤: ١٥٩، وابن سعد ٢ / ١: ١١٨، والطبري ٣: ١٤٢، وابن سيد الناس ٢: ٢١٥، وابن كثير ٥: ٢، وزاد المعاد ٣: ٣، والإمتاع: ٤٤٥، والمواهب ١: ٢٢٢، وتاريخ الخميس ٢ك ١٢٢، والبخاري ٦: ٢.