ونهاهم صلى الله عليه وسلم أن يخرج أحد منهم منفردا دون صاحبه، فخرج رجلان من بني ساعدة متفرقين، أحدهما للغائط، فخنث على مذهبه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له فشفى. والآخر خرج في طلب بعير له فرمته الريح في أحد جبلي طيء، فردته طيء بعد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعطش الناس في هذه الغزوة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه، فأرسل سبحانه سحابة فأمطرت.
وأضل عليه السلام ناقته، فقال بعض المنافقين: محمد يدعي أنه يعلم خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فأتى الوحي بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع ناقته، فأخبر أصحابه بذلك، وابتدروا المكان الذي وصف، فوجدوها هنالك. قيل: إن قائل هذا القول زيد بن اللصيت القينقاعي، وكان منافقا، وقيل: إنه تاب بعد ذلك، وقيل: لم يتب.
وفي هذه الغزوة ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقد رأى أبا ذر يتبع أثر الجيش قاصدا اللحاق به صلى الله عليه وسلم:" يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويعث وحده ". وكان كذلك كما قال صلى الله عليه وسلم.
وفضح الله تعالى بالوحي قوما من المنافقين، فتوا في أعضاد المسلمين بالتخذيل لهم، فتاب منهم مخشن بن حمير، ودعا إلى الله تعالى أن يكفر عنه بشهادة يخفي بها مكانه، فقتل يوم اليمامة، ولم يوجد له أثر.