للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: أنه يجب غسل الباقي من العضو؛ لأن ذلك مما يستطيعه الإنسان وبدون كلفة، ولا مشقة.

الدليل الثاني: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وفيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- « … وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (١).

وجه الدلالة: أن المأمورات مبناها على القدرة والاستطاعة، فمن قدر على فعل بعض المأمور به، وعجز عن باقيه، وجب عليه فعله، ولا يجوز ترك الكلّ بدعوى عدم القدرة على البعض، بل يجب على المكلّف فعل ما يقدر عليه؛ لأنّ القدرة على الفعل شرط من شروط التّكليف، فالأمر الّذي يستطيع المكلّف فعله وهو قادر عليه، لا يسقط بما عجز عنه، أو شقّ عليه فعله (٢).

الدليل الثالث: الإجماع وهو من أقوى الأدلة (٣)، وقد نقل عدم الخلاف الحطاب، والمرداوي (٤) كما سبق كلامهم في أول المطلب.

الدليل الرابع: القاعدة الفقهية [الميسور لا يسقط بالمعسور] (٥).

ومعنى هذه القاعدة: [أن الأمر الذي يستطيع المكلف فعله، وهو يسير عليه، لا يسقط بما شق فعله عليه، أو عَسُر] (٦).

كما أن الشافعية، والحنابلة (٧) يرون استحباب غسل باقي العضو، ولو كان مقطوعا من فوق المفروض، فمن قُطِعَت يده مع المرفق فيستحب له غسل


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، برقم (٧٢٨٨) ٩/ ٩٤.
(٢) موسوعة القواعد الفقهية ٨/ ٩٥٤.
(٣) وهو: اتفاق علماء العصر من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على أمر من أمور الدين، والإِجماع حجة، يجب المصير إليه، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمَّةُ على الخطأ. ينظر: العدة في أصول الفقه ٤/ ١٠٥٨، والدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع ٣/ ٢٠٥، وروضة الناظر وجنة المناظر ١/ ٣٧٦.
(٤) ينظر: مواهب الجليل ١/ ١٩١، والإنصاف ١/ ١٦٤.
(٥) ينظر: الأشباه والنظائر لتاج الدين السبكي ١/ ١٥٥،. الأشباه والنظائر، للسيوطي ١/ ١٥٩.
(٦) ينظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام ٢/ ٧، والوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية ١/ ٣٩٦.
(٧) ينظر: أسنى المطالب ١/ ٣٢، وعمدة السالك ١/ ١٣، والمبدع ١/ ١٠٨، والإنصاف ١/ ١٦٤.

<<  <   >  >>