للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال المرداوي (١): [وإن سقطت سنه، فأعادها بحرارتها، فثبتت، فهي طاهرة، هذا المذهب، وعليه الجمهور، وقطع به أكثرهم … ].

وقال في الروض المربع (٢): [وما سقط منه - أي من آدمي - من عضو، أو سن فهو طاهر]. واستدلوا على ذلك بأدلة منها:

الدليل الأول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (٣).

وجه الدلالة: أن القول بالطهارة هو الموافق للآية وللنصوص الواردة بتكريمه (٤).

الدليل الثاني: حديث أنس -رضي الله عنه- قال: «لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ»، فَقَالَ: «احْلِقْ فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ»، فَقَالَ: «اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ» (٥).

وجه الدلالة: أنه لو لم يكن طاهرا لما قسمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الصحابة رضي الله عنهم.

ونوقش: بأنه من خصوصيات النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وأجيب: بأن الأصل مشاركة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته في الأحكام، إلا ما دل الدليل على اختصاصه، ولا دليل هنا فيبقى الحكم على العموم.

الدليل الثالث: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « … إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» (٦).


(١) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ٣/ ٢٩٥.
(٢) الروض المربع ١/ ٧٩.
(٣) الإسراء: ٧٠.
(٤) ينظر: رسالة أحكام الشعر في الفقه الإسلامي للباحث عبدالله السماعيل ص ١٤٦.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق، برقم (١٣٠٥) ٢/ ٩٤٧، وفي صحيح البخاري جزء منه، كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به، برقم (١٧١) ١/ ٤٥.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الغسل، باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره، برقم (٢٨٥) ١/ ٦٥، ومسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب الدليل على أن الماء لاينجس، برقم (٣٧١) ١/ ٢٨٢.

<<  <   >  >>