للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن الآية عامة تشمل ميتة الآدمي، وغيره، فيكون نجسا بانفصاله.

ويناقش: بأن المراد به ما خرج من الحيوانات، وهن أحياء، وما يخرج من الأوداج عند الذبح (١).

وأيضا المراد بها الحيوان، ولا يقاس الإنسان على الحيوان في الأحكام.

الدليل الثاني: حديث أبي واقد -رضي الله عنه-، وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم-: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتٌ» (٢).

وجه الدلالة: أن ما قطع من الإنسان وهو حي فإنه نجس؛ لأن ميتة الإنسان نجسة بدليل تغسيله بعد موته، وإن ورد على سبب خاص، فالصحيح أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما في آيات اللعان، والظهار، فقد نزلت لسبب خاص وبقي عمومها لسائر الأمة (٣).

ويجاب عنه بما يلي: بأن الإنسان لا يطلق عليه بهيمة، وهذا الحديث مقيد بلفظه، وسببه بالبهيمة، فلا يتجاوزها إلى غيرها، كما أن المراد بذلك هي ميتة الحيوان، بدليل إيراد الفقهاء هذا الحديث في باب الصيد، والذكاة، والطهارة (٤)، ويؤيده المناسبة التي ورد بها هذا الحديث حيث قال أبو واقد -رضي الله عنه-: كَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ، وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتَ الْغَنَمِ فَيَأْكُلُونَهَا، وَيَحْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ


(١) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ١٦٦، واللباب في علوم الكتاب ٨/ ٤٨٥.
(٢) أخرجه أحمد في المسند برقم (٢١٩٠٣) ٣٦/ ٢٣٣، وأبو داود في سننه برقم (٢٨٥٨) ٤/ ٤٧٩، والترمذي في جامعه برقم (١٤٨٠) ٤/ ٧٤، وابن خزيمة في صحيحه رقم (٣٣٣) ٢/ ١٣٧٧، والدار قطني في سننه برقم (٤٧٩٢) ٥/ ٥٢٧، وابن الجارود في المنتقى برقم (٨٧٦) ١/ ٢٢١، والحاكم في المستدرك برقم (٧١٥٠) ٤/ ١٣٧، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقي في السنن الكبرى برقم (٧٧) ١/ ٣٥.
(٣) الجوهر النقي ٩/ ٢٤٥.
(٤) ينظر للحنفية: المعتصر من المختصر من مشكل الآثار ١/ ٢٦٦، وللمالكية: بداية المجتهد ١/ ٨٥، وللشافعية: نهاية المطلب ١/ ٣٣، وللحنابلة: المغني ٩/ ٤٠٢.

<<  <   >  >>