للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَهُوَ مَيِّتٌ» (١)، وأما تغسيله بعد موته فيراد به النظافة، والكمال، وليس التطهير من النجاسة.

وقد رد ابن العربي على من قال بأنها ميتة، وأنها نجسة فقال: [وهذا غلط بين، وقد جهل من خفي عليه أن ردّها وعودها لصورتها موجب عَودَها لحكمها؛ لأن النجاسة كانت فيها للانفصال، وقد عادت متصلة، وأحكام الشريعة ليست صفات للأعيان، وإنما هي أحكام تعود إلى قول الله سبحانه فيها، وإخباره عنها] (٢).

وقد أثبت الطب الحديث أيضا أن بعض الأعضاء تبقى الحياة فيها لمدة معلومة حتى بعد موت صاحبها (٣)، فبهذا يحكم على هذه الأعضاء بعدم النجاسة لأن الحياة باقية فيها.

القول الثالث: بالتفريق بين ما انفصل عن جسم الإنسان (٤)، إن كان فيه حياة، ودم، مثل اليد، والأنف، والأذن، فيقولون بنجاسته، ومالم يكن فيه حياة، ولادم، مثل الشعر، والظفر فيحكمون بطهارته، وهو القول المعتمد عند الحنفية، وقول عند الشافعية، ورواية في مذهب أحمد (٥).


(١) سبق تخريجه في الدليل الثاني من أدلة هذا القول.
(٢) أحكام القرآن ٢/ ١٣٤، فقه النوازل ٢/ ٢٧.
(٣) أعضاء الإنسان بعد نزعها من الجسم تختلف في مدة بقائها صالحة لزرعها في الجسم الآخر وتسمى في لغة الأطباء (فترة نقص التروية) وبعد ذلك تكون تالفة تلفا لا رجعة فيه، من ذلك أن الكلى تبقى (٤٥) دقيقة، والكبد (٨) دقائق، والبنكرياس (٢٠) دقيقة، والعظم والقرنية (٢٤) ساعة، وبمكن حفظها لتبقى صالحة مدة أطول عن طريقين إما التبريد، أو التجميد مع مراعاة أمور طيبة أخرى لمنع فساد الخلايا. ينظر: المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية ص ٣٩٢.
(٤) وابن حزم يفرق بين المسلم والكافر، فما انفصل من جسم المؤمن فهو طاهر، وما انفصل من الكافر فهو نجس. ينظر: المحلى ١/ ١٣٧.
(٥) ينظر للحنفية: تحفة الفقهاء ١/ ٥٢، وبدائع الصنائع ١/ ٦٣، والجوهرة النيرة ١/ ١٦، وللشافعية: البيان في مذهب الإمام الشافعي ١/ ٤٢٤، والمجموع ١/ ٢٣٢، وللحنابلة: شرح الزركشي ١/ ١٦٢، والمبدع ١/ ٥٥ والإنصاف ١/ ٩٣.

<<  <   >  >>