للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال في بدائع الصنائع (١): [وأما الذي له دم سائل فلا خلاف في الأجزاء التي فيها دم من اللحم، والشحم، والجلد ونحوها أنها نجسة؛ لاحتباس الدم النجس فيها، وهو الدم المسفوح].

قال في الدر المختار (٢): [ما أبين من الحي إن كان جزءا فيه دم كاليد والأذن والأنف ونحوها فهو نجس بالإجماع (٣)، وإلا كالشعر والظفر فطاهر عندنا].

وقال في المغني: [لأنه شعر، متصله طاهر، فمنفصله طاهر، كشعر الحيوانات كلها، وكذلك نقول في أعضاء الآدمي، ولئن سلمنا نجاستها، فإنها تنجس من سائر الحيوانات بفصلها في حياته، بخلاف الشعر] (٤).

سر الفرق في الحكم: أن الحياة في الصوف، والشعر حياة نمو، مثل حياة الأشجار والنخيل، وليست حياة روح، حيث إنها لا تتألم من قصها، وقطعها، بخلاف العظم واللحم، فإنها حياة روح، بدليل التألم عند كسرها، أو قطعها.

والدليل على أن الصوف، والشعر طاهر عند الانفصال قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (٥) حيث جاءت على سبيل الامتنان، والامتنان لا يكون بشيء نجس، والآية شاملة لحالة الحياة، والموت. (٦)

كما دل الدليل على أن العظم، واللحم نجس عند القطع والانفصال قال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (٧) دل على أن


(١) بدائع الصنائع ١/ ٦٣.
(٢) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ١/ ٢٠٧.
(٣) والمراد به إجماع فقهاء المذهب.
(٤) المغني ١/ ٦٠.
(٥) النحل: ٨٠.
(٦) انظر: المبدع ١/ ٧٧، كشاف القناع ١/ ٥٧.
(٧) يس: ٧٨.

<<  <   >  >>