للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالنظر إلى الأدلة الشرعية، والمقاصد المرعية فقد اختلف أهل العلم في زرع العضو المقطوع، والذي كان سبب القطع فيه الحدٍّ، أو القصاصٍ على قولين:

القول الأوّل: الجواز وبه قال الشافعي، وابن رشد من المالكية، وهو قول في مذهب الحنابلة ورجحه ابن قدامة، واختاره وهبه الزحيلي (١).

قال ابن رشد: [فإن اقتص بعد أن عادا لهيئتهما، فعادت أذن المقتص منه، أو عينه فذلك، وإن لم يعودا، وقد كانت عادت سن الأول، أو أذنه فلا شيء له، وإن عادت سن المستقاد منه، أو أذنه، ولم تكن عادت سن الأول ولا أذنه غرم العقل] (٢).

وقال في الأم في مسألة إعادة المجني عليه عضوه إلى محله: [وإن لم يثبته المجني عليه، أو أراد إثباته فلم يثبت، وأقص من الجاني عليه، فأثبته، فثبت، لم يكن على الجاني أكثر من أن يبان منه مرة، وإن سأل المجني عليه الوالي أن يقطعه من الجاني ثانية لم يقطعه الوالي للقود، لأنه قد أتى بالقود مرة … ] (٣).

وقال ابن قدامة: [وإن قطع أذن إنسان، فاستوفي منه، فألصق الجاني أذنه، فالتصقت، وطلب المجني عليه إبانتها، لم يكن له ذلك،، والقصاص قد استوفي، فلم يبق له قبله حق … والحكم في السن، كالحكم في الأذن] (٤)، واستدلوا لذلك بأدلة منها:

الدليل الأول: أن ذلك متفق مع رفع الحرج الذي جاءت به الشريعة. {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٥) وقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} (٦).


(١) ينظر: الأم ٦/ ٥٦، والمغني ٨/ ٥٢٣، والبيان والتحصيل ١٦/ ٦٧. زراعة عضو استؤصل في حد، مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد ٦ ج ٣ ص ٢١٦١ - ٢١٧٩، أحكام الجراحة الطبية ١/ ٤١٤، ورسالة الانتفاع بأجزاء الآدمي في الفقه الإسلامي ص ٨٩.
(٢) البيان والتحصيل ١٦/ ٦٧.
(٣) الأم ٦/ ٥٦.
(٤) المغني ٨/ ٥٢٣
(٥) الحج: ٧٨.
(٦) المائدة: ٦.

<<  <   >  >>