للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن تعليق يد السارق في عنقه حكم شرعي، يعتبر من تمام العقوبة والحد، والحدود شرعت من أجل الزجر، والردع، والنكال للجاني ولغيره، وإبقاء للمراد من العقوبة بدوام أثرها للعبرة والعظة، وقطع دابر الجريمة، وبهذا تتم مراعاة مقاصد الشريعة، وإعادتها توجب تفويت ذلك فلا يجوز فعلها.

ويناقش: أن من مقاصد العقوبة العبرة للغير، وكفى في قطع الطرف من الجاني نكالا ومثلية لما عمله، وقصاصاً لذلك، ولا دليل على العبرة المؤبدة، وما أكثر العبر التي مرت لحظة، ثم بقي خبرها عبر التأريخ (١).

الدليل الرابع: أن العضو المقطوع صار نجساً بالانفصال، فلم تجز إعادته لئلا يؤدي إلى بطلان العبادة.

ويناقش: أن ما أبين من حي فهو كميتته، وميتة الآدمي طاهرة، فوجب أن يكون ذلك العضو الذي أبين طاهراً، وقد سبق معنا في المطلب الثالث أن القول الراجح هو طهارة الأعضاء المنفصلة من جسم الإنسان (٢).

قال ابن العربي رداً على قول من احتج بالنجاسة: [وهذا غلط، وقد جهل من خفي عليه أن ردها وعودها بصورتها لا يوجب عودها بحكمها، لأن النجاسة كانت فيها للانفصال، وقد عادت متصلة، وأحكام الشريعة ليست صفةً للأعيان، وإنما هي أحكام تعود إلى قول الله سبحانه فيها وإخباره عنها] (٣).

الترجيح: الذي يترجح - والله أعلم - هو القول الثاني، وهو عدم جواز إعادة العضو الذي أبين في حد، أو قصاص (٤) وذلك لما يأتي:


(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي ٦/ ١٤٨٦.
(٢) المطلب الثالث ص ١٢.
(٣) أحكام القرآن ٢/ ١٣٤.
(٤) فائدة: أفاد قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي بأنه يجوز إعادة العضو المقطوع بحد، أو قصاص في الحالات التالية:
أ - أن يأذن المجني عليه بعد تنفيذ القصاص بإعادة العضو المقطوع من الجاني.
ب- أن يكون المجني عليه قد تمكن من إعادة عضوه المقطوع منه.
ج- يجوز إعادة العضو الذي استؤصل في حد، أو قصاص بسبب خطأ في الحكم، أو في التنفيذ.

<<  <   >  >>