الوجه الرابع: القياس على الجواز بالتبرع، فإذا جاز التبرع وهو نوع تصرف بالعضو جاز البيع.
الدليل الثالث: أن الإسلام جاء بحفظ النفس البشرية من الهلاك، فيتطلب القول بالجواز، خاصة إذا لم يوجد من يتبرع بالعضو، والقواعد الشرعية الفقهية تؤيد ذلك كما في قاعدة المشقة تجلب التيسير، وقاعدة ارتكاب أخف الضررين، وقاعدة الضرورة تقدر بقدرها، وقاعدة الضرورات تبيح المحظورات (١).
الترجيح: الراجح _ والله تعالى أعلم _ القول بعدم الجواز للأسباب التالية:
قوة أدلة القائلين بالمنع، مع ما ورد على أدلة القائلين من مناقشة.
تمشي القول بالمنع مع روح الشريعة ومقاصدها من حفظ النفس البشرية، وكرامة الإنسان، وعدم ابتذاله.
أن القول بالجواز قد يسبب زعزعة الأمن، وعدم الاستقرار من جراء الاعتداء على الأنفس، وبيع أعضائها.
(١) ويذكر بعض الباحثين قولا ثالثا وهو: جواز الشراء للمضطر، وحرمة البيع، عند عدم وجود البديل الصناعي، وقد ذكر بكر أبو زيد في بحثه المنشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الرابع ٤/ ١١٩، فقال ما نصه: (وإن جوز الانتفاع به تبرعاً لمضطر فلا يجوز بيعه لقاعدة: إن جواز الانتفاع لا يستلزم جواز البيع، وعليه: فبيعها محرم لا يجوز، لكن إن لم يحصل عليه مضطر إلا بثمن فيجوز من باذل لدفع الضرر لا في حق آخذ) ثم قال في آخر بحثه: (وجميع ما ذكرته في هذه الرسالة من مواطن الخلاف أسوقه بحثاً، ولم أجرؤ على الانفصال عنه برأي). وممن قال به الدكتور محمد فوزي فيض الله، أستاذ الشريعة بجامعة الكويت، في بحثه في ندوة (الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية) ص ٤٠، وليلى سراج أبو العلا في رسالتها العلمية للماجستير عام ١٤٠٩ هـ بعنوان: (نقل الدم وزرع الأعضاء).